Saturday, November 8, 2014

فلسطين و العراق .. المؤامرة و إشارات التاريخ !


إيهاب الشيمي:

قد يعد الكثيرون كلماتي هنا من باب الإغراق في نظريات المؤامرة و المؤامرة المركبة، و لكن  صفحات التاريخ التي لا يقرأها الكثيرون عادة، أو من يتعمد من قرأها أن يتجاهل إمكانية تكرارها، تحمل الكثير من الإشارات و التنبيهات التي لا نلتفت إليها في إطار لهفتنا لمتابعة حلقة جديدة من الصراع مع الكيان الصهيوني و الإمبريالية العالمية الجديدة المتمثلة في الولايات المتحدة الأمريكية !
ذلك الصراع الذي نستدعي فيه مع كل حادث جديد مشاعر القهر و الأسى و الألم و الكراهية و الغضب و الإحساس بالعجز الشديد لننتهي أخيراً بالبحث عن نعمة النسيان و المضي قدماً في مسيرة لا نريد أن نتعلم من عثراتنا العديدة خلالها !

فمثلما فعلت حماس و إسرائيل في نوفمبر 2008 باستهداف كلا منهما للآخر عقب فترة طويلة من الهدنة، فعل الإثنان نفس الشئ في يوليو 2014، و استخدما نفس السيناريو الذي يبدأ بقصف سرايا الجهاد الاسلامي و حماس لجنوب إسرائيل بالصواريخ، لتبدأ إسرائيل بعدها عملية واسعة تشمل القصف المركز و تنتهي بالاجتياح البري، ليسقط خلالها الآلاف من الضحايا الفلسطينيين بين قتيل و جريح مقابل بضعة عشرات فقط من الإسرائيليين، و ذلك دون مكسب عسكري او سياسي او استراتيجي يمكن حسابه للطرف الفلسطيني في الصراع، بل و دون تحقيق الطرف الإسرائيلي، الذي يدعي النجاح و النصر في كل مرة، للهدف المعلن من عملياته و هو القضاء على بؤر الإرهاب في غزة، و تحييد خطر الصواريخ التي تهدد المستوطنين للأبد!

ما يمكن أن يمثل إشارة خفية هنا هو ذلك التشابه الغريب في الواقع السياسي و الاقتصادي لكل من "حماس" و إسرائيل في الحالتين، ففي العام 2008 كان الانقسام يجتاح المجتمع الإسرائيلي للدرجة التي ظهر معها لأول مرة و بشكل واضح انقسام الأحزاب الرئيسية على نفسها مما أدى في النهاية لتولي أولمرت و هو من حزب "كاديما" المنشق عن "الليكود" لمقاليد الأمور، و هو ما كان يجب أن يتوقف فوراً حفاظاً على تماسك الدولة العبرية، و الذي كان لا بد لها من خطر حقيقي يوحد أطرافها و فرقائها السياسيين تحت لواء إسرائيل الأم، و هو ما قدمته حماس لهم على طبق من ذهب.

بينما نجد على الجانب الآخر من المشهد ما لا يمكننا إغفاله من الأزمة المالية الخانقة التي وصلت إليها الحكومة المقالة في غزة التي ترأستها حماس في انشقاق غير مسبوق عن السلطة الوطنية في رام الله في العام 2007، و هي الأزمة التي هددت بفقدان حماس لشعبيتها التي اكتسبتها بين أوساط الفلسطينيين بفضل لعبها على وتر فشل السلطة في تحقيق آمال الشعب الفلسطيني، و ليس اقتناعاً من ذلك الشعب بقدرة حماس على حل نفس المشكلات أو تحقيق ذات الآمال!

و بعد مرور ست سنوات كاملة، و تحديداً في يوليو 2014، وجدنا أنفسنا و نحن نعيش نفس السيناريو، بنفس المعطيات، بل و بنفس الأشخاص و الأحزاب، فنتنياهو الذي تزعم الدعوة لتدمير غزة في 2008 و فاز على إثرها برئاسة الوزراء في مارس 2009 خلفاً لأولمرت، هو نفسه من يتولى رئاسة الوزراء عن حزب الليكود أيضاً، و ها هما إسرائيل و حماس تمران بنفس المشكلات التي كانتا تمران بها في العام 2008 مع اختلاف بسيط في بعض التفصيلات، فنتنياهو يسعى لتوحيد الإسرائيليين تحت زعامة الليكود، بعد الاحتجاجات و الانقسامات التي شهدتها الساحة الإسرائيلية في السنوات الثلاث الماضية تزامناً مع الربيع العربي لأسباب اقتصادية و اجتماعية متعددة من جهة، و لأسباب تتعلق بالانشقاق الناتج من الخلاف بيت تيارات اليمين القومي و اليمين الديني المتشدد و بين التيارات التنويرية لمرحلة ما بعد الصهيونية، و تأثير ذلك الخلاف على تصور آفاق التسوية مع الفلسطينيين، بل و انقسام جبهة اليمين ذاتها بعد إقرار فرض الخدمة العسكرية الإجبارية على طوائف الحريديم المناهضة للصهيونية كتيار علماني و التي كانت من الطوائف المعفية من هذه الخدمة الوطنية طبقاً لتعاليمها المتشددة. 
و ها هي حماس من جديد في الجانب الآخر من المشهد تبحث عن طوق نجاة يخلصها من حقيقة فقدانها للكثير من التعاطف الشعبي الداخلي و الإقليمي و الإسلامي كحركة مقاومة وطنية بعد مواقفها السياسية الأخيرة من العديد من ثورات الربيع العربي، و يخلصها من ناحية أخرى من كارثة عدم قدرتها على دفع رواتب موظفيها في القطاع، و كذلك التنصل من اتفاق المصالحة مع "فتح" الذي أضطرت لإتمامه للوفاء بتلك الالتزامات و تجنب ثورة شعبية ضدها في غزة قد لا تستطيع ميليشياتها السيطرة عليها.

ما يغفل عنه الكثيرون ايضاً، أن اتفاق مصالح الإسرائيليين و حماس في 2008 و 2014 لم يقتصر على التشابه في عناصر كثيرة مثل تولي نفس الأحزاب لمقاليد السلطة، بل و تولي نفس الأشخاص له، بل إن المدقق يجد  تزامناً يدعو للدهشة، و ينفي اي شبهة للصدفة أو العشوائية،  بين ما حدث و ما يحدث في غزة في هاتين الفترتين و ما حدث و يحدث من أحداث مفصلية في العراق تخدم و بشكل مباشر مصالح الولايات المتحدة الأمريكية الاستراتيجية في المنطقة.

ففي نوفمير 2008 و تزامناً مع عملية الرصاص المصبوب ضد غزة، توجه بوش الإبن ليوقع على المعاهدة الأمنية بين الحكومة العميلة في بغداد برئاسة نوري المالكي، و بين سلطة الاحتلال الأمريكي، و هي المعاهدة التي كرست لفكرة الوصاية الأمريكية على العراق بما في ذلك مرحلة ما بعد الإنسحاب الكامل، بل و يعطي الحكومة العميلة الحق في استدعاء النفوذ الأمريكي السياسي و العسكري متى رأت أن ذلك ضرورياً لحماية ما سمي في الاتفاقية بوحدة العراق و سلامة اراضيه، و هو ما شهدناه واضحاً في العام 2014 من  إرسال أوباما للقوات الأمريكية من جديد للعراق، و الذي بدأه بإدعاء كونه مجرد دعم استشاري عسكري و لوجستي للقوات العراقية لصد هجوم الجماعات السنية و على رأسها "داعش"، ثم تطور لاحقاً بإرسال قوات  من مشاة البحرية لحماية السفارة الأمريكية و المنطقة الخضراء، ثم نهاية بإرسال المزيد من القوات لحماية مطار بغداد، و هو ما سيتطور بالتأكيد لاحقاً لحماية حقول النفط التي تركها المالكي لقمة سائغة لداعش في تكريت و الموصل، في حلقة جديدة من حلقات مسلسل التقسيم الفعلي للعراق.

كما سبق و ذكرت هنا، فكل تلك التنبيهات و الإشارات التي يبعث لنا بها كتاب التاريخ، لا تمكنني من أن أنظر للمشهدين بصورة منفصلة، فما يحدث في غزة، يغطي دائماً بكل دمويته و استدعاءاته  الإنسانية و الشعورية و التاريخية على كل ما سواه ليخفي الأسباب الحقيقية  لأطراف الصراع الفلسطيني و الإسرائيلي لبدأ الصراع من الأساس، و هو في الوقت ذاته يلفت الأنظار عن الكثير مما تريدنا الولايات المتحدة أن نغفل عنه في العراق من تمرير لاتفاقيات تضمن مصالحها، أو إعادة لاحتلال مقنع يؤدي لتقسيم لا بد من حدوثه.





و ما أريد أن ألفت انتباهكم إليه هنا أيضاً، هو ذلك الدور الخفي لمن يدعون نصرة القضية الفلسطينية و التحدث باسم الشعوب العربية، ذلك الدور الذي يعتمد على التركيز على كل هذه الأحداث دون غيرها، و التعتيم على ما هو أهم فعلياً من خلال اللعب على أوتار التعاطف مع الضحايا الأبرياء و تضخيم حجم المأساة، و عرض الأشلاء و الدماء و الأجساد الممزقة، بينما تتجاهل في الخلفية أن كل ذلك مجرد عرض للألعاب النارية يستغل دماء الأبرياء لإلهاء الجميع بما يحدث في السماء عما يحدث على الأرض من تمزيق من نوع آخر، و لكن لجسد الوطن العربي الذي لن تتعرفوا على أشلائه خلال عقد من الزمان طالما استمرت تلك المسرحية الحمساوية التي تنتجها الولايات المتحدة و حلفاؤها في تل أبيب، و تلك الدعاية الإعلامية القطرية لها، و تلك السذاجة التي يصر الجميع في المنطقة العربية أن يتحلوا بها في مواجهة التحديات الحقيقية !

في النهاية، لست أطالبكم هنا بتبني نظرية المؤامرة كما أفعل أنا في كثير من الأحيان، و لا بالتخلي عن إيمانكم بأن نظرية المؤامرة هي مجرد مهرب للعرب للتخلي عن حقيقة فشلهم في مواجهة التحديات، و لكني ارجو منكم إعادة النظر في المشهد برمته كي لا تمر المزيد من الأجندات، بينما ننتحب على المزيد من الضحايا الذين نفقدهم يوماً بعد الاخر، او بينما ننكب على تخوين كل منا للآخر بينما يسعى العدو لتوحيد صفوفه على اشلاء شهداءنا.


علينا فقط انتظار الفصل القادم من المسرحية .. حين تتأزم الأمور من جديد هناك في إسرائيل و على الجانب الآخر لدى حماس في غزة، و الأهم .. حين تريد واشنطن تمرير بند آخر من بنود المؤامرة، و لا داعي أن أرسل لك بطاقة دعوة لحضور المسرحية .. فقناة الجزيرة ستقوم بذلك الدور كالعادة على أكمل وجه !

خيار الثورة .. بين مخلب القط و ووحدة التراب الوطني !

June 11, 2014 at 9:50pm

منذ ما يقرب من ثلاثة عشر عاماً، و حين كنت أتابع المشاهد المروعة لهجمات الحادي عشر من سبتمبر و الأحداث المتلاحقة حينها، و كل تلك الخيوط التي لم يكن من الممكن أن تتلاقى ابداً في ترتيب منطقي، توصلت لنتيجة لم أر لها من بديل، و هي أن من ترك هؤلاء لينفذوا فعلتهم هي الإدارة الأمريكية نفسها التي سيطر عليها أباطرة صناعة النفط العالمية الذين وصلوا إلى سدة الحكم في البيت الأبيض تحت عباءة الحزب الجمهوري.

لقد وجدت هذه الإدارة أنه من الأهداف الاستراتيجية ذات الأولوية القصوى للأمن القومي الأمريكي في مرحلة ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي أن تقوم بإعادة نشر قواتها، التي طالما كانت في مواجهة الاتحاد السوفييتي في اوروبا الشرقية، لتكون قريبة من أماكن التهديد الحقيقي الجديدة و المتمثلة في الصين و روسيا الاتحادية.
كما أن كل ذلك لا بد أن يصب في النهاية في مصلحة الهدف الخفي و الحقيقي، و هو تأمين منابع النفط الغنية في بحر قزوين و شمال الخليج العربي بما يحقق سيطرة الولايات المتحدة على هذه المنابع و تأمين احتياجاتها منه  و زيادة عوائد عمالقة صناعة النفط الأمريكية دون المساس باحتياطياتها الضخمة منه.
و لم يكن هناك من مكان على وجه الأرض يحقق كل هذه الشروط مثل افغانستان التي تقع في مكان متوسط من الصين و روسيا و قزوين و الخليج العربي، و لم يكن الربط بين صدام حسين و أسامة بن لادن- في انعدام كامل للمنطق -سوى تأكيد على أن ما خلصت إليه من تحليلاتي هو ما تنفذه و بدقة تلك الإدارة على اختلاف من تولوا مقاليدها.

كما أن الولايات المتحدة وجدت أنه من الحتمي لكي يسهل عليها السيطرة على منطقة الشرق الأوسط أن تقوم بتقسيمها إلى دويلات صغيرة، و هو ما اتفق عليه نسور التحالف الغربي ريجان و تاتشر في ثمانينيات القرن الماضي طبقاً لتسريبات لم يعر لها العديد من وسائل الإعلام إهتماماً حينها، و هو ما بدأت إدارة بوش الأب ،الجمهورية أيضاً،  تنفيذه بالفعل في حرب الكويت في العام 1990، و ما أكملته بعدها إدارة بوش الإبن حين عاد الجمهوريين لتولي مقاليد الأمور.

لم أجد في مقابل ما استنتجته هنا سوى ضحكات السخرية، و اتهامات الجنون، و دعاوى الإغراق في نظريات المؤامرة المركبة، و لم أجد بداً حينها سوى إجبار أصدقائي على مشاهدة عدة أفلام جيوسياسية مثل "سيريانا" الذي وجدت أن مؤلفه و مخرجه و قد اتفقا على مناصرتي فيما ذهبت إليه من وجود خطة محكمة للتقسيم تقودها شركات النفط و مجموعات المصالح داخل الولايات المتحدة، إلا ان أصدقائي خرجوا من الفيلم أكثر اقتناعاً بجنوني و شذوذ تفكيري.

و ها هي السنين قد مرت، و تحقق ما خلصت إليه، فالقوات الأمريكية، بالرغم من ادعاءات الانسحاب، تنتشر في قواعد في افغانستان، و كذلك في العديد من الجمهوريات السوفييتية المستقلة في شراكة جديدة معها، و على مرمى حجر من الصين و روسيا، و الأهم من ذلك هو كونها بالقرب من منابع النفط في بحر قزوين.

و ليس ما حدث في العراق من غزو أدى لاحتلال لكامل  أراضيه،  ثم إقامة نظام عميل يستكمل و بنجاح خطة التقسيم إلى دويلات كردية و شيعية و سنية، و ما يحدث الان في ليبيا، و سوريا، و ما نراه من تقسيم لهذه البلدان على اساس عرقي و طائفي و قبلي، و ما تم فعلياً من تقسيم للسودان على أساس ديني، إلا تأكيد على استمرارهم في خطط التقسيم و التقزيم، و هي ما تم تطويرها لكي تشمل أيضاً استغلال الحركات الثورية ضد الأنظمة القمعية في هذه البلدان لكي تخدم و بشكل غير مباشر خططهم  لإعادة رسم خريطة المنطقة عن طريق الدفع بقوى اليمين المتطرف لصدارة المشهد الثوري  بعد أن تنجح في رسمه القوى الليبرالية و اليسارية، لتحقق لهم تلك القوى اليمينية ما حققته لهم القاعدة قبل ذلك في افغانستان وبحر قزوين و العراق.

إن الأدارة الأمريكية سعت، و باحترافية شديدة لا يمكن إغفالها، لأن يكون الحراك الشعبي ضد تغول قوى الرأسمالية ، و ديكتاتورية الحزب الواحد، و عمالة المعارضة الوهمية، هي مخلب القط الذي يستطيعون من خلاله استكمال ما بدأوه في المنطقة، و ما أرادوا له أن يحدث في مصر بأيدي جماعة الإخوان المسلمين، و حلفاءها من جماعات السلفية الجهادية، و فلول القاعدة، و التكفيريين.

ما لم يضعوه في الحسبان حين تعلق الأمر بمصر، و ما لم يفهموه، و لن يفهموه على الأرجح، هو أنه و بالرغم من كل تلك التحفظات للحركات الثورية الوطنية، و كل تلك المطالبات و الاحتجاجات ضد الانتهاكات التي ارتكبت في عهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة، فلقد كانت يقظة الثوار الشرفاء لما يحاك لوطنهم،  و درايتهم بالأخطار التي تهدد وحدة ترابه، و فطنتهم لأهمية الحفاظ على جيشهم الوطني صلباً قوياً موحداً هي الحد الفاصل بين تحقيق مسعاهم، أو انهيار مخططهم بالكامل.

لقد كانت تلك اليقظة للضمير الوطني الواعي للقوى الثورية الحقيقية هي ما أفشلت خطط هؤلاء لكي تصبح مصر صورة مكررة لما يحدث حولها، و لم يكن الخيار الشعبي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إلا تأكيداً على توافق وجهتي نظر رجل الشارع البسيط ، مع ثاقبي البصيرة من الثوار الذين لم يروا من خيار إلا الوقوف خلف من يضمن وحدة التراب، و وحدة ألوان العلم الوطني، و وحدة الجيش الوطني، مع الحفاظ على العهد أن يكونوا أول من يقومه، و أول من يعارضه، و أول من يطالبه بالرحيل إذا تخلى عن تحقيق ما وعد به من تحقيق طموحات الشعب و أهداف الثورة في العيش و الحرية و العدالة الاجتماعية للجميع، كما أنهم سيكونون أول من يسانده و يعمل على خلق بيئة ديمقراطية حقيقية إذا صدق ما عاهد الشعب و الله عليه.

و لتبقى العزة لمصر، و ليبقى دائما المجد للشهداء.

الرئيس .... بين ضرورات المرحلة و نقطة اللاعودة !

June 2, 2014 at 10:55pm


على مدى ثلاث سنوات و نصف من الحراك الثوري و الوطني، لم تمر مصر و شعبها بكل هذا الجدل حول هوية من يستحق أن يقبض على عصا قيادة الوطن وسط كل تلك السماوات الملبدة بالغيوم القاتمة التي لا تمثل صواعقها التي تضرب بين الفينة و الأخرى خطراً عليها، بقدر ما تمثله جبال الريبة و الشك و الخوف و انعدام الثقة التي تختفي خلف تلك الغيوم، و التي تهدد بسقوط الجميع في هاوية سحيقة حال الارتطام بها و تحولها من مجرد مخاوف في أذهانهم إلى حقيقة واقعة تعود بالجميع إلى ما قبل الخامس و العشرين من يناير 2011.
و حين أذكر مصر و شعبها، فأنا لا أستثني منه أحدا، فالكل كان مشمولاً بحالة الجدل و الانقسام في الرأي الذي وصل في بعض الأحيان لاتهام البعض للآخر إما بخيانة الثورة، أو في المقابل بخيانة الوطن !

ففي زاوية من المشهد الوطني، و حيث يقف من يرون أن يونيو هي استمرار للمد الثوري الذي بدأ في يناير، نجد هؤلاء و هم منقسمون بين اختيار من قدم نفسه كمرشح للأولى بكل ما تعنيه من مبادئ الحرية و المساواة و العدالة الاجتماعية، و بين من استجاب لنداءاتهم في الثانية لإنقاذ سفينة الوطن من الغرق في غيابة بئر فاشية الحكم الديني، بالرغم من كل التحفظات على انتماء الرجل لمجلس طالما هتفوا ليرفع يده عن الحكم و مازالوا يطالبون بمحاسبة ذلك المجلس على كل الانتهاكات التي سجلت في عهده حتى تسليمه مقاليد الأمور لغير المأسوف على عزله.
بينما وجدنا في زاوية اخرى من المشهد المحتدم، اليساريون و القوميون و الاشتراكيون و هم بدورهم منقسمون بين اختيار مرشح يساري التوجه، قومي النزعة، و بين آخر يرون أنه يمثل إعادة للنموذج الناصري الذي يمكنه توحيد الكلمة و شحذ الهمم و إعادة هيبة الدولة و استعادة دورها الإقليمي و الدولي دون تبعية أو استكانة.

و لكن جل المشهد كان مزدحماً بكل أولئك المصريين البسطاء الذين لا يعنيهم من الأمر سوى الرغبة الشديدة في رد الجميل، كعادة المصريين دائما، لرجل أعاد لهم وطنهم الذي يعرفونه، و أعاد لعقولهم و قلوبهم مشاعر الانتماء و الوطنية الصادقة التي طالمت  افتقدوها لثلاثة عقود لا سيما و أن الرجل يرتدي الزي العسكري الذي طالما ارتبط في الوجدان المصري بالعزة و الكرامة الوطنية.

و لكن ما يعنيني و بشدة في هذا المشهد هم أولئك الذين لا تستطيع من قلة عددهم ان تلحظ لهم وجوداً، و إن كنت أؤمن أنهم الأكثر صواباً، و الأكثر قدرة على تحليل الأمور و اتخاذ القرار الذي لا يصب إلا في إناء المصلحة العليا للوطن، و لا ينتقص بأي حال من حظوظ الثورة على المدى الطويل في بسط مبادئها رغماً عن الجميع.

هؤلاء الذين لم يعنيهم التقيد بشعارات جوفاء، أو التبعية لأيقونات واهية، أو الانتماء لأيديولوجيات جامدة، حتى و إن كان ذلك احياناً على حساب تراجع مؤقت للمسيرة الثورية ليقينهم انه و إن كانت الوسيلة المثلى للتغيير، فهي ليست هدفا بحد ذاتها.

هؤلاء ممن يظن المتابع الضحل لهم أنهم غير ثابتين على مبادئهم، فلقد رآهم يخرجون في يناير للمطالبة بالعيش و الحرية و العدالة الاجتماعية مطالبين الجيش بمساندتهم، ثم بعدها للمطالبة بتنحي المجلس العسكري و إقامة الدولة المدنية و إرساء دعائم دولة القانون بدلاً من دولة البطش و الطوارئ، ثم رآهم في النهاية يخرجون على من قد يبدو رئيساً مدنياً منتخباً، بينما كان خروجهم ضد التفاف الإخوان على مبادئ الثورة و خيانتهم لثقة الملايين ممن أئتمنوهم على وطن لم يروه إلا لبنة ضمن أخريات في مشروع إعادة بناء الخلافة المزعوم.

هذه القلة التي لم تحد عن مطلبها و هدفها في رؤية وطن موحد قوي ينعم فيه الجميع بالحرية و المساواة و الكرامة، و لكن الأهم أن يكون كل ذلك أولاً تحت راية واحدة و فوق تراب وطني موحد، و هو الهدف الذي يتطلب على المدى القصير وجود قيادة تمتلك الحد الأدنى لتحقيق ذلك ..

قيادة مدعومةَ بتاييد شعبي حقيقي ..

قيادة تمتلك الرؤية الاستراتيجية و القدرة على تحقيق التوازن الإقليمي و التواصل مع كافة القوى الكبرى لدعم مكانة مصر السياسية و الدبلوماسية و دعم القدرة العسكرية للجيش المصري للتعامل مع التهديدات الإقليمية ..

قيادة  تمتلك الحد الأدنى اللازم للتحكم في موارد و أجهزة الدولة دون إبطاء لإصلاح البنية التحتية التي تضمن عدم انهيار منظومة الاقتصاد بالكامل و تضمن بقاء ما يمكن البناء عليه لإصلاح تلك المنظومة ..

و أخيراً .. قيادة تمتلك القدر الكافي من الصرامة اللازمة لكبح جماح من سولت لهم أنفسهم استباحة الدماء و الأعراض و الملكيات العامة و الخاصة لكي لا نقع من جديد في فخ التخاذل و التوازنات فيضيع كل شيئ مرة أخرى!

قد يتوهم البعض أني، و هم، بذلك نعطي الضوء الأخضر لمن تولى مقاليد الحكم ليفعل ما يشاء و أن يعود بالأمور لما قبل يناير، و لكني أثق في انهم، و انا منهم، بالرغم من اختيارهم لهذه القيادة في المرحلة الآنية، فهم يملكون اليقظة الكافية للحيلولة دون إعادة تأليه الحاكم، و الإصرار اللازم لمواصلة العمل على تنمية الوعي السياسي و الإجتماعي و الثقافي للأمة و تعريف الجميع بحقوقهم التي صوتوا لدستور يمنحهم إياها، و الأهم من ذلك كله و هو ثقتي في إيمانهم بان يناير ستظل و بلا شك نقطة اللا عودة لما قبلها من قبول للقمع تحت ستار حفظ الامن، أو كبت الحريات تحت مظلة حماية الأمن القومي، أو تخوين المعارضة بحجة الحفاظ على وحدة الكلمة.

أشرعة الثورة


شهدت الحركة الثورية المصرية تحولات جذرية بدت بوادرها مع استفتاء مارس 2011 لتعديل الدستور و ظهرت جليةً في الانتخابات البرلمانية الأولى عقب الثورة و اكتساح تيارات الاسلام السياسي لها، و فوز مرسي بمقعد الرئاسة، و ما تلا ذلك من تطورات انتهت بالإطاحة بهم جميعاً في الثلاثين من يونيو 2013 ، و تصدر الجيش للمشهد مرة اخرى، و ما واكب ذلك من عودة العديد من الوجوه التي طالما عارضت ثورة يناير المجيدة بل و شوهت رموزها.

ولم تقتصر تلك التحولات علي القوى الثورية المحسوبة على تيارات الإسلام السياسي فقط، بل و أيضاً على القوى الثورية الشبابية المستقلةخاصةً تلك التي سبق تكوينها ثورة الخامس و العشرين من يناير- و التي عصفت بها الخلافات الداخلية و تلاعبت بها مصالح الكثيرين من القائمين على أمورها من أجل البقاء تحت الأضواء في المشهد السياسي الجديد، أو من أجل المزيد من التمويل لخدمة خطط من يريدون اعتلاء الثورة للوصل إلى أهداف محلية و إقليمية بعيدة كل البعد عن المصلحة الوطنية العليا.

و يعلم المنخرطين في العمل الثوري و المتابعين له جيداً كيف استغلت القوى المنقضة على الثورة و المعارضة لها تلك الحركات و الإئتلافات الشبابية كستار لتحقيق اهدافها، بل و تمادى هؤلاء ليشكلوا حركات "صورية" ليس لها من كيان إلا مسماها، و ادعاء أن تلك الحركات و الإئتلافات الصورية تمثل الثورة المصرية و تتفاوض بإسمها مع السلطة القائمة،  أو التيارات الحزبية و النخبوية الساعية للحصول على أحد مقاعد السلطة.

و بالرغم من تكوين إئتلاف شباب الثورة الذي انضمت إليه حركات رئيسية تم تكوين بعضها في مرحلة ما قبل الخامس و العشرين من يناير، و رغم علمنا بإخلاص العديدين من المنتمين إليه، إلا أنه لا يخفى على أحد الآن ما رددته و حذرت منه مراراً و تكراراً كعضو مؤسس لإحدى الحركات الفاعلة المستقلة، من أن إئتلاف شباب الثورة بما ضمه من كل أطياف العمل الثوري القومي و اليساري و الليبرالي و الاسلام السياسي، لم يكن إلا بوتقة أراد القائمين على خلقها السيطرة على العمل الشبابي الثوري و توجيه خطابه و مواقفه بما يخدم أطرافاً معينة دون غيرها.
 
و بدا جلياً في العديد من المواقف الفارقة في عمر الثورة كيف أن القائمين على إدارة ذلك الإئتلاف، و المتحدثين بإسمه احتكروا لأنفسهم الحديث بإسم الثورة، و أغلقوا الباب أمام الحركات الوطنية المستقلة للإسهام في مسيرتها بدعوى التخوف من اندساس أعضاء محسوبين علي النظام البائد، بينما كان الهدف المستتر من ذلك هو استبعاد كل من قد يشكل خطراً على الأهداف المرحلية لهؤلاء و التي قد تتعارض مع أهداف الثورة الحقيقية ، بل و الدفع في اتجاه تحويل الحركات المنضمه للإئتلاف بعيداً عن العمل الثوري و توجيهها للعمل السياسي و الدخول في دهاليز التوازنات المظلمة، لتتوه منهم في النهاية معالم الطريق الحقيقي للوصول لأهداف الثورة.
كل ذلك أدى إلى النهاية الحتمية بحل الإئتلاف في يوليو 2012 بعد أن حقق بنجاح الهدف الخفي لمن دعوا لإنشائه باستخدامه كورقة ضغط لا أكثر حتى وصول الإخوان المسلمين للسلطة عن طريق استغلال مصداقية الكيانات المنضمة للإئتلاف من الحركات المستقلة للترويج لثورية مرشحهم مرسي ضد شفيق المرشح المحسوب على النظام الذي قامت ضده الثورة.

و إذ أن الحركة الثورية التي أفتخر بالنتماء إليها هي أحد الكيانات التي ولدت من رحم الثورة المصرية لتكون محاولة لخلق منبر يعبر من خلاله الشباب المستقل و المخلص عن مطالب وأهداف ثورة الخامس والعشرين من يناير التي لخصتها الجماهير الثائرة في شعار " عيش ، حرية ، عدالة اجتماعية ".، فإن الحركة و أعضائها كانوا حريصين اشد الحرص على الثبات على المبدأ و تشكيل ظهير ثوري في الشارع يساندوا من خلاله من آثروا التحول للعمل السياسي و يوفروا لهم الدعم على الأرض.
.
 و هكذا ظلت الحركة بعيدة عن اي توازنات سياسية قد تتطلب أن تحيد الحركة عن الطريق الواضح للثورة كما فعلت حركات أخرى أشهرها حركة 6 أبريل، فكان موقفنا من رفض التعديلات الدستورية واضحاً، و موقفنا من تلكؤ المجلس  العسكري و تخاذله في مواجهة مخططات الإخوان واضحاً، و موقفنا من فساد العملية الانتخابية و فساد قانون الانتخاب واضحاً، بل إننا دعونا إلى مقاطعة تلك الانتخابات -و هو ما ثبت صحته بعد حل مجلس الشعب لاحقاً-، و كان موقفنا أكثر وضوحاً من ضرورة تسليم السلطة لمجلس مدني منتخب يضمن عدم تغول الجيش على السلطة و ألا تجور تيارات الإسلام السياسي بما تملكه من تنظيم و موارد بشرية و مادية على حقوق الحركات الشبابية الوليدة، و هو ما ترجمناه لاحقاً في العديد من الفعاليات التي حولها المندسون إلى أحداث دامية كما حدث في أحداث محمد محمود و مجلس الوزراء التي بدا جلياً فيها للجميع التحالف المريب للمجلس العسكري مع تيارات الإسلام السياسي للالتفاف على الثورة، و هو ما حذرنا منه كثيرأ من خلال فعاليات المسيرات الليلية التي طافت كافة ارجاء المدن الرئيسية لمدة عام كامل.

و ها نحن ذا، ننظر إلى كل يوم من أيام السنوات الثلاث الماضية لنتحسر على كل فرصة كان يمكن للجميع أن يستمع فيها إلينا و لكنهم لم يفعلوا.

 ها نحن ذا، ننظر بأسى إلى كل الأرواح و ناسف لكل الدماء التي سالت دون تحقيق الحد الأدنى من التنسيق، و دون وصول الجميع للحد الأدنى من الوعي بمتطلبات المرحلة، و تحديات الواقع على الأرض.

 
ها نحن ذا، ننظر إلى كل يوم من أيام السنوات الثلاث الماضية لنسترجع كبف تجاهل الجميع تحذيراتنا من مخططات المنقضين على الثورة للقضاء عليها بكل الطرق الممكنة بدءاً بدس رجالهم وسط الثوار و نهاية بتشويه صورتهم أمام الشعب دون سند او دليل مستخدمين في ذلك آلتهم الإعلامية الضخمة للتأثير على عقول الجميع.

و لن نستثني الثوار المخلصين من الإثم، فهم من سمح  بحسن نيتهم و لن أقول سذاجتهم لهؤلاء ان يندسوا بينهم، و هم من سمحوا باستجابتهم للمغريات الآنية بان يحيد مسارهم عن تحقيق أهداف الثورة، إلى مجرد الاشتراك في عملية سياسية لن تتعدى أقصى أمانيهم فيها استدرار عطف القابع على كرسي السلطة أن يفعل ما يتوجب عليه لنصرة الوطن، و نصرة يناير، و توفير العيش و نشر الحرية، و تحقيق العدالة الاجتماعية

قد تبدو الصورة هنا قاتمة، و لكن ما نحن واثقين منه و بشدة، هو أن مصر الآن ليست هي مصر ما قبل يناير و إن كنا لم نحقق مبتغانا بعد.
ما نحن واثقين منه و بشدة هو أن الشعب المصري العظيم أصبح له أخيراً مقعد على طاولة التوازنات بعد أن كان مجرد متلقي لنتائج صفقات من يجلسون عليها. 
ما نحن واثقين منه و بشدة هو أن أبناء هذا الوطن و نحن منهم  اصبحوا اكثر  إدراكاً لما هو تحت عباءة التدين، و أكثر وعياً بما يغلفه الاستقرار القائم على القمع و تكميم الأفواه.

و يبقى إيماننا الأعظم هو أن الفرصة لم تمر بعد لكي يلتف المخلصون من جديد تحت لواء واحد من أجل مصر، و من أجل شعبها الذي لم نخرج إلا من أجل مستقبل أبناءه، فالثورات لا تنتصر بين ليلة و ضحاها، و الشعوب لا تنضج إلا بالتجربة، و ما علينا سوى استكمال الطريق لنصبح جزءا فاعلاً في هذ التجربة بأن نظهر لهذا الشعب رقي ما ندعوه إليه  بدلاً من الصراخ فقط ضد ما يدعوه إليه غيرنا.

ستظل قناعتنا دائماً أن أجمل أيام الثورة هو يوم لم نعشه بعد، و أجمل بحارها هو بحر لم ترتده أشرعتا بعد
.
الله .. الوطن .. الثورة


ليسوا سواء !

August 19, 2013 at 3:43am


إلى كل من ذابت عنده الحدود بين الحق و الباطل، و بين الأبيض و الأسود
..ليس الموقف الآن موقف من يغير قناعاته و إيمانه لمجرد أن هناك من أحبائه من رحل و هو يدافع عن المعسكر الآخر الذي اختار ترويع الأمة و تكفير المؤمنين و خيانة العهد مع أهل الذمة.
..وقوف من تحبونهم مع هؤلاء لم يكن إلا دعماً للفتنة التي أمر الله بوأدها..
..وقوف من تحبونهم مع هؤلاء لم يكن إلا دعماً لإيمان هؤلاء بأن الأمة كافرة و وجب قتالها..
..وقوف من تحبونهم مع هؤلاء لم يكن إلا موافقة ضمنية على الجرائم التي ارتكبها هؤلاء ضد إخوان لنا في كل بقعة من مصر..
..وقوف من تحبونهم مع هؤلاء لم يكن إلا موافقة ضمنية على موالاتهم لأعداء الوطن و استقوائهم بهم " و من يتولهم منكم فإنه منهم" ..
..وقوف من تحبونهم مع هؤلاء لم يكن إلا خيانة لدماء جيكا و الجندي و أبو ضيف و مئات آخرين ممن لا يعرفهم إلا أمهاتهم المكلومات على أيدي نظام سادتهم و زبانيتهم ..

لا .. لن أغير موقفي لمجرد أن هناك ممن أحب و من وقف بجانبي يوما لنطالب بالحرية و العدالة قد اتخذ قراراً بمواصلة الكفاح ضد العسكر عن طريق الوقوف في صف من هم اسوأ منهم.

الفارس المتخاذل !

August 6, 2013

 بالرغم من تثميني لمجهودات الرجل في توضيح حقيقة اﻷمور للمجتمع الدولي، إلا أنني مازلت عند نفس موقفي من أنه لا يعرف الكثير عن عقلية و مزاج الشعب المصري حتى قبل قيام الثورة.

هو متحدث جيد عندما يقتضي اﻷمر لقاء نخب المصريين في جامعات الغرب و حوار قادة العالم في المنتديات الإقتصادية، و هو أيضا عليم بدهاليز التوازنات الدولية و تحديد من نخاطب و متى و أين، لكنه يجب أن يعي أن الشعب هو من صنع الفارق و ليس التوازنات الدولية.

يجب أن يعي من هم في السلطة أن اسناد كافة اﻷدوار للرجل لن تأتي إلا بالمزيد من التوتر الداخلي و النقمة الشعبية، و أن مشاركة الشعب في الضغوط الواقعة عليكم هي سبيلكم الوحيد للخروج من اﻷزمة.

كابوس الاستماع لنصيحة الرجل قبل إعلان نتيجة انتخابات الرئاسة في يونيو 2012 و استجابتتا للضغوط الدولية التي نقلها لولاة اﻷمر آنذاك مازال يخيم بكل تداعياته على المشهد و لم يكن خروج الشعب في الثلاثين من يونيو إلا تصحيحا لهذا الخطأ، و بيانا لمن هو في السلطة قبل أن يكون للعالم أن الشعب المصري لن يستمع إلا لصوت مصالحه و لن يتحالف إلا مع من يحققونها.

مشفى الثورة !



كيف تجرأون على ادعاء جلب الثوار للأوبئة - دون أن يعوا ذلك- إلى جسد المدينة في يناير 2011 ؟؟؟
كيف تتجرأون ن تطالبوا هؤلاء الثوار ان يندموا على فعلتهم؟
عن أي مدينة تلك تتحدثون ؟!!
مدينة الظلم، و استحلال مقدرات الأمة ، و المحسوبية، و قتل أبنائها بالسرطان و أمراض الكبد؟!
أم مدينة الجوع، و الفقر، و الجهل؟!!!

كفانا مغالطات و ترديد مقولات يظن من تفوه بها أنه سقراط عصره بينما هو يائس، عاجز عن مواصلة الدرب، و احتمال مرارة الدواء، و قسوة انسحاب السم من جسد المدينة في أروقة مشفى الثورة.

لك الله يا مصر !

 
في بيان مشترك لأحزاب المعارضة و في حضور كل من البرادعي و صباحي و موسى و اسحق اصدرت جبهة الإنقاذ و أحزاب الدستور و الديمقراطي الاجتماعي و الأحزاب الاشتراكية بيانا تعلن فيه تأييدها و دعمها الكامل و اللامحدود للتحرك الشعبي ضد المساعي الحثيثة لجماعة الإخوان المسلمين و ممثلها في قصر الرئاسة للتوجه بمصر نحو حكم فاشي شمولي غلفوه بعباءة الدين و إحياء شريعة الله و هي منهم براء.
 
و في هذا الصدد أعلنت الجبهة دعوتها للرئيس مرسي للإعلان عن قبوله إجراء انتخابات رئاسية مبكرة يتم بعدها إعادة تشكيل لجنة صياغة الدستور ثم الدعوة لانتخابات تشريعية تحت رقابة مجتمعية و دولية على أن يتم تشكيل حكومة انتقالية مدنية من كافة الأطياف حتى اتمام هذه المرحلة و أن يتم تفويض القوات المسلحة لاتخاذ ما تراه مناسبا لحماية البلاد و تأمين عملية الانتقال السلمي لسلطة منتخبة دون التدخل في آلياتها أو الانحياز لطرف على حساب آخر.
 
و الجبهة إذ تهيب بالمواطنين التحلي بالسلمية، فإنها تؤكد على انها كذلك ستسعى للتحرك دولياً على كافة الأصعدة لمحاكمة كل من تسول له نفسه التعرض بالقتل أو التعذيب او التهديد لجموع المتظاهرين و أنها شكلت لجنة خاصة للتواصل مع المحكمة الدولية و منظمات الأمم المتحدة لهذا الأمر.

هذا ما تمنيت أن اقرأه و أن يفعلوه ليوفروا الغطاء السياسي للتحرك يوم الثلاثين من يونيو، و لكنهم يصرون على ارتداء عباءة الخزي و التخاذل و استغلال دماء من يحبون تراب هذه الأرض للظهور في الفضائيات بدلاً من ان يمنعوا إراقتها من الأساس.

لك الله يا مصـــــر !

الأتوبيس !


لا أستطيع إلا ان أؤيد اي تحرك ضد من يريدون الاستيلاء على هوية مصر
و لكن لا أوافق أبداً على تكرار نفس الأخطاء
 
أنتم ترفضون وجود من يجلس على مقود حافلة المحروسة و رفضتم وجود من سبقه، بل و من يستعد لاحتلال المقعد و الاستيلاء على الحافلة بالكامل بدعوى حمايتها، بينما لا ترشحون بل و لا تعلمون من يمكنه أن يقودها بدلاً منهم، أو من يستطيع قطرها حتى أقرب مركز خدمة !
 
المشهد الآن ليس إلا صراخاً يملأ الحافلة ضد سائق لا يعلم وجهتها من ركاب جعلوا جل اهتمامهم هو الصراع على المقاعد الموجودة قرب النوافذ للاستمتاع بالهواء العليل بينما يتجه الجميع إلى السقوط في بحر الظلمات!


حمقى !!

April 13, 2013

لماذا كنت تريدنا أن نقاطع انتخابات الرئاسة يا شيمي؟
هذه سلبية لم نعهدها فيك !!
 

هل كنت تريد لشفيق أن ينتصر إذا تخاذلنا عن النزول و مؤازرة مرسي ؟
هل كنت تريد أن يضيع حق الشهداء ؟
هل كنت تريد أن ينال كل رموز النظام البائد البراءة ؟
هل كنت تريد أن يظل المصريين رهينة من يزرع الفتنة الطائفية فيما بينهم ؟
هل كنت تريد أن تعود الداخلية لسابق عهدها من التسلط و التعذيب و القتل؟
هل كنت تريد أن نعود لعهد اعتقال النشطاء و المحبين للوطن و المطالبين بالحرية و المساواة؟
هل كنت تريد أن نعود لعهد اغتيال الشرفاء ؟
هل كنت تريد أن يظل الخارج و من له مصالح في مصر أن يتحكم في مصير أبنائها؟
هل كنت تريد أن تظل موارد مصر في يد من لا يرعاها و يضيع حقوق أبنائها فيها ؟
هل كنت تريد أن ينفرد مجموعة من المنتفعين بحكم البلاد ؟
هل كنت تريد أن يزداد الفقير فقرا و الغني غنىً؟
هل كنت تريد أن يظل من يحكم هو من ينال ثقة الحاكم و ليس من هو أكفأ لتحقيق مصلحة الوطن؟


و أنا الآن أسألكم.. هل تعلمون الآن إجابات أسئلتكم أيها الحمقى ؟

السؤال !

April 13, 2013

 

داخل كل منا شخصين .. ذلك الذي يلهث خلف نزواته و أطماعه و شهواته، و ذاك الذي لا يرى نفسه إلا في اطار أشمل من المساواة و العدالة و الحرية و الحق في الحياة الكريمة لكل من حوله.

و كل ما تشهده هذه الأرض منذ بدء الخلق ليس إلا نتاج الصراع بين هذين الشخصين.

السؤال الذي يبقى خالداً هو : لماذا لم نتعلم بعد ملايين السنين من الصراع أن أحدهما ليس إلا باعثاً للإشمئزاز و جالباً للشقاء بينما الآخر هو من يستحق الاحترام و ينفث نسائم السعادة أينما كان؟

سفينة الثورة !

January 14, 2013 at 10:15pm


بعد كل ما حدث و ما يحدث و ما يشاهده الجميع و ما يتكشف من حقائق عن خيانة الإخوان للثورة و تحالفهم مع العسكر و ما باعوه من دماء الشهداء و ما أشتروه من عرض الدنيا بآيات الله و ما يستكملونه من صفقات تتأكد كل يوم بتوزيع صكوك الغفران على مجرمي النظام البائد، أجد أنه من العبث أن نقنع أنفسنا أن ما نبذله من مجهود هو لكي يرى ذلك من لم يراه حتى الآن بل و أن ننتظر أن يتحرك معنا يوم الخامس و العشرين من يناير القادم من لم يتحرك في سابقيه.

مجهودنا هنا لكي نذكر أنفسنا و نشد على سواعد من أصابهم اليأس أننا سنواصل بمن آمن و سنتحرك يوم الخامس و العشرين بمن تأكدوا أن سفينة الثورة التي نبنيها في صحراء الخيانة و التخوين و التكفير هي السبيل الوحيد لنجاة الأجيال القادمة عندما يجتاحها طوفان غضب الجوعى و الفقراء و المهمشين من أبناء هذه الأرض.

بسم الله الرحمن الرحيم
"وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ" ﴿٣٦﴾ هود
صدق الله العظيم

ستخترق السهام حناجر كهنتك !

November 26, 2012


لماذا لم تحفر اسمك في تاريخ هذه الأرض؟
لماذا سمحت لهم باستغلالك لترمى أنت بكل الحجارة بينما يلتقطوا هم كل الثمار؟
لماذا لم تعد فتح باب ذلك القصر للجميع؟
لماذا لم تعترف بأن كل من يلبسون عباءة روبن هود هم من أسقطوا الطاغية و ليس من يدعون ذلك من كهنة و نبلاء قبيلتك؟
أنا أعلم انك تدرك صدق ما اقول و لكنك تريد قتلهم حتى لا يسقطوك كما فعلوا بسابقك.
و لكن .. عليك أن تحذر فتلك الغابة الكثيفة خارج قصرك هي ميدانهم، و سهامهم ستسبح خلال ذلك الليل الحالك لتخترق حناجر كهنتك و نبلاءك الواحد تلو الآخر.
و ستجد اسمك محفور في النهاية كما أوهموك.. و لكن على شاهد داخل مقبرة التاريخ

هل استفقتم ؟

 November 21, 2012

هل استفقتم؟
هل ترون أنفسكم؟
تلك التي رأت أنهم اختيار
تلك التي ترقد في بئر بلا قرار
تلك التي استبدلت الرمضاء بالنار
أين كنتم حين شردت عن السبيل العقول؟
أين كنتم و هم يستبدلون ببزوغكم الأفول؟
أين كنتم و هم يصبغون بالدم لون الحقول؟
.....
هل استفقتم؟
هل ترونه ؟
ذلك الذي حسبتم أنه الشفاء
ذلك الذي استبدل بشفائكم ألف داء
ذلك الذي اشترى السلطة بكلمات السماء
أين كنتم حين مر يكسو عقولكم بالغمام؟
أين كنتم حين اختار من ليس ترضونه لكم إمام؟
أين كنتم حين صوب إلى صدوركم السهام؟
.....
هل استفقتم؟
هل تروني ؟
أنا من صرخ انهم ليسوا الخيار
أنا من رفض الرمضاء فابيتم إلا أن تكويه نار
انا من ظل عقله وحيدا في المسار
أنا من رأى في شدة الظلمة إيذان بالنهار
أنا الممسك بمعولي حتى يسقط الجدار

جرس الهاتف !

 November 18, 2012



يعود كل يوم إلى غرفة نومه
يحادث نفسه أو بالأحرى يهمس لها
فهو لا يريد لأذنيه أن تسمعا صوت عقله
يسري ذلك الهمس في ذهنه
نعم أنا أستطيع
ما الفارق بيني و بين من سبقوني؟
هم لم يولدوا كذلك و لا آبائهم
مع مرور الأيام سأتعلم
مع مرور الأيام سأتقدم
مع مرور الأيام سأتفوق عليهم جميعا
نعم أستطيع ذلك
لن أسمح لمن يريدون أن يسخروا مني أن ينالوا مرادهم
سأثبت لمن انتقوني لسهولة التضحية بي أني لست كبش فداء
سأثبت للجميع أني لست من يعتقدون
يهوي بجسده المنهك على فراشه
يضع وجهه على الوسادة الوثيرة
لحظات و يسقط في بئر النعاس العميق
ينشر الفجر خيوطه البيضاء الرفيعة ليقوم لصلاته
ينتهي من صلاته ليهرع إلى الهاتف
لا بد أن يجري تلك المكالمة التي طالما بعثت الطمأنينة في نفسه
يدق الهاتف طويلا دون إجابة
تبدأ دقات قلبه في التسارع بينما تتصبب حبات ثقيلة من العرق من خلال لحيته الخفيفة
يتمتم بكلمات تكاد تكون مسموعة...ماذا أفعل؟
ما خطبه؟
لماذا لا يرفع سماعة هاتفه؟
فجأة يأتي ذلك الصوت من الجانب الآخر
يحدثه بكلمات مقتضبة و بصوت صارم قائلا:
"السلام عليكم يا محمد"
“أراك متلهفا لسماع المزيد مما نريد منك فعله”
فيجيب بتلهف و نشوة كالطفل الذي ارتمى في أحضان أمه
"كلي آذان صاغية يا سيدي المرشد"

الجانب الآخر من المرآة !

August 10, 2012 at 7:38am


يقتلني في كل لحظة ذلك المجهود الخارق لكي أخفي هذا الإحساس العميق بالإنكسار.

ترهقني تلك المقاومة الرهيبة لشعوري بالإنفصال عمن حولي و رغبتي في التقوقع حول نفسي.
يؤلمني ذلك الشعور المقيت أن كل من حولي يتحركون على ذلك الجانب الآخر من المرآه حيث يمكنني أن أراهم يبتسمون و يتسامرون على ذلك الشاطئ الرملي الصاخب بينما لا يسمعون هم صراخي محذراً من ذلك المد الرهيب الذي يتحرك نحوهم تحت جنح الظلام ليدمر كل شيئ حتى ذلك الجدار الزجاجي بيني و بينهم.

أكره ذلك الصوت الخافت الذي يمر عبر رأسي كل آونة و أخرى هامساً لي أنهم لا يستحقون ما أكنه لهم و ما طالما تمنيته لأبنائهم .. فهم من كفر بكل ما أؤمن به من قيم العدل و المساواة و التضحية و الكرامة و هم من حولوا أنفسهم إلى مسوخ تتحرك تبعا لغرائزها أو إلى شخصياتٍ في عرض مسرحي يؤدون فيه دورا كتب نصه من لا يريدون إلا مصلحتهم ممن يؤلهون السلطة و يمنحونها العصمة، أو من لا يقلوا عنهم خسة من الإعلاميين الذين ينفذون، و بحرفية شديدة، خطط سادتهم من رجال النفوذ و المال من خلال قنواتهم الفضائية و جرائدهم الذائعة الصيت !

و لكن يظل دائماً أكثر ما يؤلمني هو عدم قدرة من ظننت أنهم معي على نفس الجانب من المرآة على فهم أنه كيف لك أن تتجاوز هؤلاء الذين عرفتهم لسنوات من أجل أولئك ممن يعتبرونهم غرباء لمجرد أنهم شاركوني عشق كل حبة تراب من أرض هذا الوطن و اقتسموا معي لحظات الخوف و القلق و الفرح و الانكسار؟

لا أستطيع الآن إلا أن أستسلم لمشاهدة ذلك العرض المسرحي المقيت.
لم أعد أستطيع التشبث أكثر من ذلك بذلك الإفريز فسأترك نفسي لأهوي من فوق تلك البناية الشاهقة و بصري يتعلق بذلك الضوء الذي أردته أن يخرج من بين تلك الغيوم السوداء التي تملأ السماء منتظراً لحظة ارتطامي بالأرض .. التي أشك أنها مازالت هناك !

وحيداً !!

July 15, 2012 at 11:49pm



كما عهد خيوط الفجر تنسج رداء كل يوم جديد
كما تعود أن يتطلع إلى تلك السحب البيضاء تجوب ذلك الفضاء الأزرق الرحب في صبيحة أحد أيام الشتاء الباردة
كما دأبت عيناه أن ترى قطرات الماء تنحدر إلى أسفل الوادي ممتطية ذلك التيار الهادئ نحو حريتها التي تناديها من تحت امواج البحر
ظلت هي من يعود إليها دائما حين يشعر بالحنين لنفسه وسط كل ذلك الصخب
لم يقلق يوماً من أن يغمره الضجيج أو تؤرقه الهموم فهو يعلم أنها ستكون هناك لنصرته حين تشتد هجمة الزمن.
لم يشك يوماً أنها ستكون دوماً هناك بذلك الوجه الملائكي في انتظار أن يعود إليها بكل ما يحمله من أثقال لكي يلقيها في بحر سكينتها اللامتناهي.
فقط هي ...هناك
في انتظاره ليرتاح في أحضانها الدافئة..
ليس هناك ما يخجل أن يقصه عليها..
و كيف يفعل وهي من تعطيه ذلك الإحساس الدفين في اعماقه بانه ليس وحيدا في ذلك العالم الأناني القاسي و أنه هناك دائما من يمكنه أن يتقاسم معه كل ما يخالج نفسه و خاطره..
لحظات ضعفه، و إنكساره..
لحظات قوته، و انتصاره..
بل حتى تلك اللحظات التي قد يتطلع فيها بالإعجاب إلى الأخريات من آن لآخر..
لا محظور لأنه لا محظور مع النفس، و هي من يشعر أنها روحه و نفسه
لا أسوار، لا حواجز، لا جدران، بل لا ابواب هناك ليطرقها.
أو هكذا ظن !!!
فالحقيقة ليست دائماً ما يظنها ..
فالحقيقة ليست دائماً ما يشعر به تجاهها ..
بل إن الحقيقة ليست دائماً ما يشعر به تجاه نفسه أو ما يقنع نفسه به أنه يفعل ..
والحقيقة ليست ما يراه بعينيه، حتى تحت ضوء الشمس الغامر ..
الآن يعلم أن الحقيقة الوحيدة كانت دائما هناك ..
حيث لم يراها لأنه ظن أنه لا عالم بدون أسوار..
الحقيقة دائما هناك.. حيث لا يراها لأنه لا عالم بدون محظور..
الحقيقة ستظل دائما هناك...حيث لن يراها إلا حين يكتشف أن الحقيقة الوحيدة في هذا العالم هي أنه جاء إليه وحيداً، وسيرحل عنه وحيداً، وأنه رغم كل شيئ، كان دائماً .. يقف وحيداً !

في انتظار إسدال الستار

June 18, 2012 at 10:54pm


ما زلت مصمما أن كل ما يحدث هو مسرحية متقنة يقوم أركان النظام البائد و الدول المشتركة معه في المصالح بدور المؤلف و المنتج، و المجلس العسكري بدور المخرج، بينما يقوم الإخوان و بعض القوى المحسوبة على الثورة بالتمثيل ببراعة.
و لم أكن أتخيل أن هذا الشعب بتلك السذاجة التي تجعله يصدق أن الإخوان بكل ما يملكون من كفاءات و خبرات و دعم لوجستي و مادي لا يمكنهم التنبؤ بأن "نعم لتعديل الدستور" كانت الخيار الأسوأ الذي اعتذروا عنه لاحقا، و أن الشاطر سيتم استبعاده لأسباب قانونية لا يخطئها محامي تحت التمرين، و أن مجلس الشعب سيحل لأسباب فنية سبق و أن حكمت عليه بالحل في دورات سابقة

و لا أتصور أنهم لم يدركوا أن التقاعس عن تشكيل اللجنة التأسيسية سيفرض في النهاية تشكيلها من قبل من سيستولي على كرسي الحكم بمن يراه مناسبا.

و لا يمكنني أن أصدق أن هناك من يمكن أن يدعي أن دينه أو إلهه أيا كان توصيفه يمكن أن يبيح له التواطؤ مع القاتل و السكوت عن قتل و إصابة الآلاف طوال الخمسة عشر شهرا الماضية بحجة الوصول للتمكين و إعلاء كلمة الله في النهاية

إن كل ما يحدث هو مخطط لإعادة خلط كل شئ بحيث يمكن ترتيبه بالطريقة التي تضمن للمسرحية النجاح الساحق بأعلى نسبة مشاهدة و تضمن للممثلين أعلى أجر ممكن من القائمين على انتاج العمل بينما يبقى الشعب المغلوب على أمره في مقاعد المشاهدين ينتظر اسدال الستار على ثورته.

عزائي الوحيد هو إيماني أنه كلما رفعت أمهات الشهداء أكفها للسماء فهناك من يستمع لهن "و سيعلم الظالمون أي منقلب ينقلبون"

المجد للشهداء و العزة لمصر

الثورة مستمرة

 June 16, 2012 at 1:47pm

 عفوا أيها السادة ..
نعم أعرف أن الوضع عاد كما كان يوم الحادي عشر من فبراير
لا سلطة تشريعية !
لا وجود لرئيس للبلاد !
لا دستور يحكم أدوات الدولة و ينظم علاقاتها بالأفراد و المؤسسات !
و لكن مصر لم تعد أبدا كما كانت ..
مصر لن تعود متاعا يورثه الأب لأبنائه ..
مصر لن تعود ثرواتها و أراضيها و خيراتها نهبا مستباحا في وضح النهار لمن يبدي ولائه للحاكم ..
مصر لن تعود أرضا يكتفي فيها أبنائها بمشاهدة ما يجري على الساحة السياسية غير عابئين بحقوقهم ..
مصر لن تعود بلدا يهتم فيها الناس بترتيب الأهلي و الزمالك في جدول الدوري أكثر مما يهتمون بوضع دستور يحافظ على حقوقهم ..
مصر لن تعود أرضا يكتفي أبنائها بالبكاء على إعتقال رفقائهم من قبل زبانية النظام دون أن يتحركوا في الشارع للتعبير عن غضبهم أو في أروقة المحاكم لإطلاق سراحهم
مصر لن تعود أرضا ينقسم فيها الناس المغلوب على أمرهم بين نظام مستبد حاكم و عصابة غير حاكمة تتحكم مصالحها في معارضتها للنظام و مدى ضراوتها فالكل الآن يعلم من الذي يعشق تراب هذه الأرض و من الذي يعشق ثرواتها فقط ..
مصر لن تعود بركانا يمكن أن تفجره حرارة الطائفية في أية لحظة يريدها النظام.
 
عفوا يا سادة ..
 
مصر ما قبل 25 يناير لن تعود من جديد إلا كذكرى لفترة من الإضمحلال و الانتكاس و الهوان قادت إلى فترة من النمو و استرجاع روح الكرامة و العزة لكل أبنائها
 
الثورة مستمرة